فتحي الذاري
❗خاص❗ ❗️sadawilaya❗
في ظل التصعيد المستمر بين الولايات المتحدة وإيران، تتكشف معالم استراتيجيات وتعقيدات تداعيات الصراع المحتمل في منطقة الشرق الأوسط، حيث تلعب السياسة الأمريكية، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، دورًا محوريًا في تحديد مسار الأمور، مع تداخل الأبعاد العسكرية، الدبلوماسية، والأمنية.
لم تكن محاولة إدارة ترامب، بالتكرار، الضغط على إيران دون شروط مسبقة، جديدًا. إذ اعتمدت إدارته على سياسة "الضغوط القصوى" منذ رغبته في إنهاء الاتفاق النووي مع إيران، عبر تمزيقه في 2018، مما أدى إلى تصعيد التوترات وارتفاع درجة العداء بين الطرفين. محاولةً كسر إرادة الإيرانيين، استهدفت السياسة الأمريكية تنويع أدواتها، من العقوبات الاقتصادية القاسية إلى الاغتيالات، أبرزها اغتيال قائد فيلق القدس، الجنرال قاسم سليماني، في يناير 2020.
الجانب الإيراني، بقيادة الخامنئي، وجد في التصعيد الأمريكي محاولة لفرض شروط غير ممكنة، معتمدًا على قدرته على الصمود، وترسيخ قدراته الردعية، خاصة في ظل موقف قوي داعم من حلفائه في المنطقة، كحزب الله في لبنان، والميليشيات في العراق وسوريا. لقد أكدت إيران رفضها الكامل للمفاوضات تحت الضغط، ورفعت من مستوى استعداداتها الدفاعية، موضحة أن أي هجوم على منشآتها النووية سيواجه برد قوي قد يقود المنطقة إلى حافة الحرب المفتوحة.
رغم التصعيد، أظهر بعض مسؤولي الإدارة الأمريكية رغبة في إدارة الأزمة عبر قنوات دبلوماسية، مع وسطاء مثل سلطنة عمان وقطر، منعا لتفاقم الحالة وتجنب نشوب حرب واسعة. إلا أن مثل هذه المحاولات تصطدم برواية إيران التي تعتبر أن المساس بسيادتها واستراتيجيتها النووية خط أحمر، وأن الرد الإيراني سيكون حاسمًا، بما ينسف أي تصور لهدنة أو توقف مؤقت.
ساعات حاسمة تلوح في الأفق، مع احتمال دخول الولايات المتحدة في مواجهة عسكرية واسعة، خاصة مع تصعيد كيان الاحتلال الإسرائيلي ضد المواقع الإيرانية، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع، ويثير مخاوف من انزلاق المنطقة في حرب شاملة لا يمكن التنبؤ بنتائجها. في ذات الوقت، تبدو إدارة ترامب، وأقوى المؤسسات المختصة، منقسمة حول خيار الحرب، خاصة بعد أن أدركت أن التصعيد وحده قد لا يحقق الأهداف المرجوة، وأن الاستقرار والاستنزاف المستمر قد يكونان بديلين، مع محاولة الحفاظ على توازن الرعب النووي مع إيران.
يبدو أن هناك حاجة ماسة لإعادة تقييم السياسات الأمريكية تجاه إيران، مع ضرورة الابتعاد عن التصعيد غير المجدي، والعمل على مقاربات دبلوماسية حذرة تضمن الأمن الإقليمي والدولي. وعلى المجتمع الدولي و الصين وروسيالعب دور أكثر فعالية لمنع تدهور الأوضاع، وتجنب حرب قد تكون كارثية على المنطقة والعالم.